Wejeune

جدل فرنسة تدريس المواد العلمية مستمر في المغرب

تعاني شريحة كبيرة من التلاميذ و الطلبة الجامعيين من صعوبات في اللغات الأجنبية كاللغة الفرنسية و الانجليزية. بل حتى في اللغتين العربية و الأمازيغية  و هو أمر طبيعي إذا ما تحدثنا عن المستويات الابتدائية و ما قبل الجامعية. و مرد ذلك هو الاختلافات المتعددة مواطنها والتي تطال المؤسسات التربوية. إذ تجد متعلمين أذكياء و موهوبين، و تجد بالمقابل يتامى و مستضعفين. كما تجد الفقراء و الأغنياء و الميسورين يواسون متعلمي الجبال و المدارس القروية على مواقع التواصل فقط. 

هذا هو حال التعليم بالمغرب منذ عقود. فلا “قانون إطار” أو” يوما عالميا للمعلم” أفلح في التصدي الملموس لمثل هذه التناقضات العملية التي تشهدها الساحة التعليمية بالمغرب. و من بين الأسئلة المجحفة و التي من شأنها الإشارة إلى حل نهائي لهذا الجدال السرمدي ذو الأبعاد : أليس ” المغطي بديال الناس عريان؟” بصيغة أخرى، ألا نستطيع إعادة الاعتبار للغات الرسمية ؟ ألا نستطيع إنتاج من المعرفة باللغة العربية ما يجعل متبني الانجليزية يتسابقون نحو جامعاتنا؟

بلى، ففرنسة تعليم المواد العلمية ما هي إلا إعادة تمثيل “سياسة التعريب” و الذي يبدو أننا ندمنا عنها ندما. و من الممكن أن نتبنى سياسة لغوية أخرى يفضل واضعيها الانجليزية مثلا.  و ستسير الأمور على هذا الحال … إلا إذا تبنينا العربية و عدنا إلى الأصل. و هذا لا يعني بتاتا رفض التعدد اللغوي أو الثقافي، بالمقابل نعترف بقيمة اللغات الأجنبية و نحترم الناطقين بها و معلميها و متعلميها أيضا. لكن أليس من العيب إهمال موروث يحوي هويتنا و حضارتنا التي لطالما تربعت على عرش الفكر ، العلوم ، الفلسفة ، الرياضيات و النحو؟

إن تنبي الانجليزية، على عكس ما يدعيه البعض، ليس إنجازا في حد ذاته.  فانجلترا و الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، إن جعلتا من لغتهما محط اهتمام العالم، فهذا يخصهما و يعنيهما. أما نحن باعتمادنا لغتهم بغية الرقي الاجتماعي أو الاقتصادي فسنعلن تبعيتنا و سننكر لا محال عروبتنا و حضارتنا التي كان يضرب لها ألف حساب.

نعم، لا يجدر بنا في هذه المرحلة معارضة مشروع قانون إطار رقم  51-17 المتعلق بمنظومة التربية و التكوين و البحث العلمي، لأنه جاء ليخرجنا من أزمة سببتها سياسة التعريب و التي لا يجدر لوم واضعيها لأنها كانت ردا قويا على ما عاشه المغرب عموما و التعليم خصوصا في مرحلة الاستعمار. حيث أعادت العربية نوعا من الأمل للمغاربة و أسهمت في ازدهار التعليم في ثمانينيات القرن الماضي و جسدت بجلاء تشبث المغرب بانتمائه للحضارة العربية الإسلامية. أما في أفق قريبة، لا بد من إعادة النظر في اللغات الرسمية بالمغرب، طبقا لما جاء به الفصل الخامس من الدستور المغربي الأخير.

بقلم :كريم الحدادي

إنظم الآن إلى فريق التدوين و عبر عن رأيك دون قيود :  https://forms.gle/Q3daQVmoHyFsMG4v8