نظام “الباكالوريوس”: هل سننجح في التنزيل؟
أصبح لا بد من إعادة النظر في التعليم الجامعي، و هذا أمر لا مفر منه. لقد استنفذ نظام الإجازة مدة عمله و أصبح من الممكن إجراء تقويم شامل و مفصل لما أفرزته سنوات من العمل. لكن، ها نحن نعود للوراء مرة ثانية، و كانت فرنسة تدريس المواد العلمية أول المؤشرات على ذلك، و ها نحن نلبي النداء من جديد. و يظل السؤال القائم، هو: إلى أي حد سينجح النظام الجديد-الباكالوريوس- في حل مشاكل التعليم الجامعي -الذي ينتج عنه التعليم الابتدائي و الثانوي و الجامعي مرة أخرى- أقصد هنا المعلمين و الأساتذة بما فيهم الجامعيين-؟
في الواقع، و دون الحاجة لمعارف أكاديمية- للتقييم خاصة من الناحية الزمنية- فإن أربع سنوات تبدو مدة معقولة، على الطالب أن يقضيها في أول مرحلة جامعية. و هذا أمر لن نقو على إنكاره خاصة و أن “طالب الإجازة” لن يكون في آخر المطاف مفكرا كبيرا أو فيلسوفا أو رياضيا مادام أنه لم يلتحق بمجال البحث العلمي إلا منذ مدة قصيرة إذا ما قارناه مع دكتور مثلا- دون إنكار كفاءات الموجزين- إذ أن الوقت عامل مهم إذ لم نقل مركزي و أساسي، بل معيار رئيس في عمليات تقييم المعارف و الكفاءات.
و بالتالي، فكل ما يلزم للنجاح في هذه الخطوة البناءة هو إعداد و تكوين أطر قادرة على الالتزام أولا ب “الأخلاق المهنية” و هو أمر أكاد أن أتجاوز بوجوده كلا من “البيداغوجية” و “الديداكتيك” . ف” البيداغوجية “باعتبارها مجموعة من الأساليب المنهجية الهادفة إلى تيسير العملية التعليمية-التعلمية و تشجيع و تحفيز و فهم و تفهم و إرشاد و تنظيم الفصل تماشيا مع المعطيات الاجتماعية و النفسية و التاريخية للتلميذ، إدراكا لما يعانيه من مشاكل في التعلم و من اضطرابات في اللغة و غيرها من المعيقات، و لنقل أن ل “البيداغوجية” دور مهم لا تنازل عنه، إذ أنها بمثابة شراع لباخرة تحمل ما لذ و طاب من المعارف و الأنوار.
كما أتجرأ على إنكار جهود “الديداكتيك” نكرانا خبيثا، إذا غابت “الأخلاق المهنية”. و كأننا امرأة همت بوضع أحمر الشفاه فوق المخاط كما يقال، أو وضع الحناء فوق القمل كما يقول أسلافنا. و مفاد ذلك أنه مادمنا نسعى إلى القمة و تنقصنا الثقة في بعضنا البعض و ينقصنا التقدير و الاحترام و الشفافية و كبح مساوئنا بل الاستعانة بمعارفنا و فقهنا و ديننا كي نؤدي أمانتنا في سلام، حتى لا يحاسبنا ذلك الشخص الجميل بداخلنا يوما ما و نندم و لن يفيدنا الندم، فإننا لن نصل القمة و سنظل ك”سيزيف” صاعدين نازلين. نعم سأتجاوز “الديداكتيك” هاربا من “معلم” لا يجيدها و هي لا تلزمه و لا يلزمها، سأتجاوزها إذا كانت الأرضية التي تطأ أقدامنا عليها ملوثة و نيتنا مبيتة، خادعة، لا تفقه في “الإنسانية شيئا.
فالإنسانية هي السبيل النبيل للتعلم. فهي الكل و التعلم جزء و العلم شطيرة صغيرة جدا. لذا فالوقت كله يظل في رحاب الإنسانية ” مجرد ثوان” وقع فيها ما لا يحمد عقباه أو ما يجعل الإنسانية إنسانية. إننا في حاجة لفكر نابع من الأخلاق، و لنعلم أن كل علم مناف للأخلاق ليس علما، لأنه ليس مبنيا على الصواب و الصحة و الحكمة .
بقلم : كريم الحدادي
لنشر تدويناتك على Wejeune المرجو ملئ الإستمارة : https://forms.gle/UqFtrPasM89zEFbW9