Wejeune

هل يعيد فيروس كورونا تماسك الأسرة ؟

أصبح الآن المكوث بالمنزل إجباريا لدى غالبيتنا بعد إعلان حالة الطوارئ كإجراء لا محيد عنه لمواجهة انتشار فيروس كوفيد-19.

مما يعني قضاء وقت أطول مع الأسرة والأبناء ، الأمر الذي كان مستعصيا في السابق نظرا لكثرة الالتزامات وضغط العمل وتوغل وسائل التواصل الاجتماعي داخل بيوتنا ، فبالكاد يجد الأبوان وقتا لأبنائهم او حتى لبعضهم البعض. وبالرغم من أن الفيروس تسبب في العديد من الوفيات عبر العالم وعطل عجلة الاقتصاد .

إلا أن هذه الفترة تعد فرصة ذهبية لإعادة ترتيب أولوياتنا ومنح الأسرة الوقت الكافي والضروري لاستعادة تماسكها بعد عقود من التفكك والتصدع. عرفت وظائف الأسرة في زمننا خللا كبيرا ، بسبب انحراف مسار اهتماماتنا التي تحولت إلى جعل النزعة الفردية سائدة وطاغية حتى دون وعي أو إدراك منا ، وقد غذت التكنولوجيا هذا التباعد وزادت من حدته مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي كان الهدف منها تذويب المسافات وتسهيل عملية التبادل الثقافي بين الشعوب والحضارات لكن الإدمان عليها أدى إلى حصول تباعد اجتماعي حجم من دور الأسرة وجعله يقتصر على تحقيق وظائف محدودة كالإنجاب والوظائف الاقتصادية الاساسية فصارت الأسرة مؤسسة تقتصر على أدوار ذات بعد غرائزي فقط ، وهي أدوار مطلوبة بالمناسبة لأن الأسرة ، كما عرفها أرسطو هي أول اجتماع تدعو إليه الطبيعة وذلك لتحقيق التناسل وضمان استمرار الجنس البشري ، لكن مشكلتنا كانت في إغفالنا او تغافلنا عن الأدوار الاجتماعية والتربوية والعاطفية والدينية للأسرة.

فدور الأسرة لا يقتصر على الانجاب والإنفاق وإشباع غريزة الأمومة والأبوة فقط ، بل يمتد إلى تنشئة الأبناء دينيا وثقافيا واجتماعيا وتحقيق الإشباع العاطفي للزوجين والأبناء وتلبية احتياجات الأبناء من توفير الأمن والإجابة عن الأسئلة التي تزداد مع نمو الطفل ، وكل هذا يحتاج إلى تخصيص وقت كاف للأسرة مع منح البيت الأولوية على بعض الاهتمامات الأخرى التي استحوذت على وجداننا فصارت تتحكم بنا وبسلوكياتنا. من المؤلم قراءة منشورات على الفايسبوك يتحدث أصحابها على أنهم بدؤوا للتو ، بسبب الحجر الصحي ، باكتشاف الأشخاص الذين يعيشون معهم ، آباءهم ، أبناءهم ، إخوتهم ، ولو كان طابع المنشورات في غالبه هزليا إلا أنه يترجم تعاطينا مع الأسرة ويعيد طرح إشكال دور الأسرة وتأثيرها على المجتمع باعتبارها الخلية الأولى في جسم المجتمع كما وصفها اوجست كونت. هناك العديد من الإشارات يمكن التقاطها في ظل انتشار هذا الفيروس منها إعادة النظر في كيفية تعاطينا مع الأسرة ، وهو فرصة تكسبنا الكثير من الوقت ، ولو بطريقة إجبارية ، لاستغلاله في إعادة بناء أسر على أسس تلبي احتياجات الأفراد المكونين لها تربويا ودينيا وثقافيا وعاطفيا.